انطلاقة خدمتي لكتاب الله قبل  (37) عاماً مع الأمير ماجد بن عبدالعزيز رحمه الله

عندما أرى ما وصَلَت إليه جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة (خيركم) من نجاحاتٍ كبيرة بحمد الله تعالى، أتذكَّرُ صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) عندما كان أميراً لمنطقة مكة المكرمة، والذي بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بجهوده تم النهوض بجمعية تحفيظ القرآن الكريم في مدينة جدة، وانطلاقها الانطلاقة الكبيرة، وجهود أعضاء مجلس إدارة الجمعية جزاهم الله خيراً وعلى رأسهم معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم (رحمه الله)، ولما اختارني معاليه كأول مدير لجمعية القرآن الكريم بجدة تقريباً في عام 1403هـ، وجدتُّ بأن هناك فرصاً كثيرة للنهوض بهذه الجمعية حيث أنها كانت تدار من مكتب معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم، ومكتب معالي نائبه الشيخ محمد صالح باحارث رحمهم الله تعالى وتقبَّل الله منهم، فأحببت أن تكون الأمور رغم حداثة سنِّي على أصولها ومن أبوابها كما جاء في الأثر: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، فزرتُ صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) في قصره بجدة، وكنت في تلك الأيام طالباً في الجامعة، فسُرَّ الأمير ماجد بزيارتي وفَرِحَ وقال لي بعد أن بارك لي بإدارة الجمعية: “يا ابني نحن لنا مجلس أسبوعي وأتَمنَّى أن تزورنا في هذا المجلس دائماً”، وكانت هذه دفعة قوية من سمو الأمير مع شاب صغير طموح يريد أن يخدم دينه ووطنه وأمَّته، والحمد لله رب العالمين فعلاً بدأت أرتِّب الأمور للجمعية من خلال شقتي في مسجد الأندلس بحي الروضة، ثم من شقتي بمسجد الشعيبي بحي السلامة، وكنت فعلاً أزور سمو الأمير ماجد رحمه الله من فترة إلى أخرى، وفي إحدى الزيارات عرضت على سموه أن يتولى الرئاسة الفخرية لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة حتى تأخذ الجمعية مكانتها وقوتها في المجتمع أكثر، وفعلاً وافق سمو الأمير على هذا الطلب وترأس سموه هذه الجمعية فخرياً، وفي زيارةٍ أخرى لسمو الأمير قلت له إن الجمعية تحتاج إلى دعم ومساندة وأوقاف، والحمد لله مدينة جدة غنية بفضل الله سبحانه وتعالى ثم برجال البرِّ والإحسان، فوافقَ سموُّه بأن نكتب خطابات باسمه إلى رجال الأعمال، وكانت هذه فاتحة الخير والبركة، وفعلاً وجهت خطابات باسمه إلى كبار رجال الأعمال الذين بادروا جزاهم الله خيراً وشعروا باهتمام ولاة الأمر بهذه الجمعية ورعايتها هذه الرعاية، فبدأ التبرع بالعديد من الأوقاف التي سجلت في المحكمة العامة بجدة لصالح جمعية القرآن الكريم بجدة، إضافةً للتبرعات العامة لصالح الجمعية، وانطلقت الجمعية بفضل الله سبحانه وتعالى وأصبح لها مكتب ومقر خاص، وترتبت الأمور من الناحية الإدارية، وبدون شك هذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز (رحمه الله)، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية وعلى رأسهم معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم (رحمه الله) الذي أعطاني الثقة الكاملة والانطلاقة رغم حداثة سنِّي ورغم قلة خبرتي وتجربتي، ولكن نظَرَ إلى الطموح وإلى العزيمة جزآه الله خيراً، وكان هذا العمل تطوعاً لوجه الله سبحانه وتعالى، ثم في زيارة أخرى أيضاً عرضتُ على سمو الأمير ماجد (رحمه الله) أن يكون هناك احتفال سنوي وعرضتُ على سموه بأن يكون هذا الاحتفال في الصالة الرياضية في مدينة جدة، وأن يحضر سموه هذا اللقاء ويكرِّم الحافظين الخاتمين لكتاب الله، فوافق وسُرَّ بذلك سروراً كبيراً، وكَتَبت الجمعية إلى معالي الدكتور محمد عبده يماني، والشيخ صالح كامل لاستعارة باصات الحجاج لنقل الطلاب من مختلف مساجد مدينة جدة إلى قاعة الصالة الرياضية المغلقة في الأستاذ الرياضي في جنوب جدة، وهي تتسع لنحو خمسة آلاف مَقعد، وطلاب التحفيظ أكثر بكثير من هذا العدد، ولكن أخذنا نماذج من هؤلاء الطلاب، وفعلاً حضر سمو الأمير ماجد في منصة الشرف، ونظر إلى هذه الصالة ممتلئةً بطلاب التحفيظ، وكان الحفل مهيباً، وحَضَره رجال الأعمال الداعمون فرأوا ثمار جهودهم وتبرعاتهم، ورأوا الأمير يتقدم الضيوف ويكرِّم الحفاظ ويشجَّعهم، فعلاً كانت هذه انطلاقة كبيرة زادت الدعم للجمعية من قبل المحسنين والخيرين، ولا ننسى معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي عندما كان مديراً لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مدينة الرياض ومشرفاً على هذه الجمعيات، ونالت جمعية القرآن الكريم في جدة حظاً وافراً من دعمه حفظه الله وجزآه الله خيراً، وكذلك عندما تولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، واستمرت هذه الجمعية من أفضل الجمعيات القرآنية ولديها الإمكانيات والقدرات، ولا شك بأن الإدارات المتعاقبة على الجمعية خاصة الإدارة الحالية للجمعية برئاسة سعادة المهندس عبدالعزيز حنفي نهضت نهضة كبيرة بإشراف ومتابعة معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والذي يترأس المجلس الأعلى للجمعيات ويولي جمعية جدة اهتماماً خاصاً، واستمرت الجمعية بفضل الله في عطائها وجهودها في الإشراف ورعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، والذي واصل مسيرة والده رحمه الله حتى نالت الجمعية الجائزة العالمية لخدمة القرآن الكريم، جائزة أفضل جمعية لخدمة القرآن الكريم على مستوى العالم، فهنيئاً للمؤسسين، وهنيئاً لصاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز رحمه الله، وهنيئاً للداعمين، ورَحِم الله من انتقل منهم إلى رحمته، وجزى الله خيراً كل من هو مستمر في دعم هذه الجمعية، ونهنئ ونبارك لأعضاء مجلس الإدارة وموظفي الجمعية هذه النجاحات، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم.

مشاركة